13‏/01‏/2012

أمراض الشتاء «5» / لماذا يزداد الوزن في الشتاء ... وتزداد الكآبة ؟


مراكز المخ التي تفرز الميلاتونين والسيروتونين
مراكز المخ التي تفرز الميلاتونين والسيروتونين

| بقلم د. أحمد سامح |
طبيعة طقس الشتاء من قصر ساعات نهاره وطول ساعات ليله وغيوم السماء التي تحجب ضياء الشمس وعتمة المساء يؤدي الى تغير في افراز هرمونات معينة ويكون تأثيره ملحوظا على صحة الانسان الجسدية والنفسية.
مثل هكذا طقس يؤدي الى اطالة افراز هرمون الميلاتونين من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ لأن هرمون الميلاتونين يفرز في الظلام والعتمة يؤدي الى انعدام فاعلية السيروتونين الداعم للمزاج والمخفف لأعراض الكآبة الشتوية الموسمية والتي تقول الدراسات الحديثة واحصائيات منظمة الصحة العالمية انه وراء ازدياد حالات الانتحار في شهري ديسمبر ويناير من كل عام بسبب الكآبة الموسمية والاضطراب العاطفي الموسمي.
ونتناول في هذه الدراسة طبيعة طقس الشتاء التي تؤثر على صحة الانسان النفسية والجسدية بالتفصيل من خلال احدث الابحاث الطبية والدراسات العلمية.
فصل الشتاء يتميز بقصر ساعات النهار وطول ساعات الليل وخفوت ضياء الشمس واحتجاب نورها بفعل غيوم السماء وعتمة المساء.
وهذا يؤدي الى اطالة امد الميلاتونين وزيادة افرازه من الغدة الصنوبرية التي تقع في وسط المخ واماكن اخرى في الجسم اثناء الليل والظلام والعتمة الذي ثبت انه وراء حالة البيات الشتوي والكمون الجنسي للحيوانات في فصل الشتاء.
وفي الانسان يصاب بالحزن الشتوي او ما يعرف بالكآبة الموسمية او الاضطراب العاطفي الموسمي نتيجة انعدام فاعلية السيروتونين الداعم للمزاج والمخفف لأعراض الكآبة الشتوية ويحد من اشتهاء الطعام.
ومع بداية فصل الربيع يستقر افراز هرمونات معينة فتتحسن الحالة النفسية ويتخلص الانسان من الكآبة الموسمية وتعتدل الشهية للطعام فيتخلص ايضا من زيادة الوزن الموسمية.
وذلك لأن النهار يأخذ في ازدياد ساعاته وتقصر ساعات الليل وتصفو السماء من الغيوم والعتمة بفضل افراز الميلاتونين ويقصر امده فيستعيد السيروتونين فاعليته المخففة للكآبة والحزن الشتوي والذي يحد من اشتهاء الطعام.
وفي هذه الدراسة نتقدم بوصفة طبية متجددة للتخلص من الكآبة والحزن الشتوية وزيادة الوزن الموسمية.

حالة الطقس تؤثر في الحالة النفسية في الإنسان كما تؤثر على حالته الصحية ولياقته البدنية.
وكما ان لطقس الصيف بحرارته المرتفعة تأثيرا على مركز الانفعال في المخ وتوتر الأعصاب فإن لفصل الربيع تأثيرا كبيرا على استقرار الهرمونات وارتفاع الروح المعنوية وتدفق مشاعر العاطفة واعتدال المزاج واعتدال الشهية ودفء المشاعر الجنسية.
ونتناول تأثير الطقس على الحالة النفسية والعاطفية واضطراب هرمونات معينة تؤثر على وظائف الإنسان الفسيولوجية.

زيادة الوزن في الشتاء
من أسباب زيادة الوزن الموسمية الاكثار من تناول الأطعمة الدسمة لاكتساب الدفء لدرء برودة الشتاء وعدم ممارسة الرياضة بسبب سوء الأحوال الجوية ولا يعود استعداد الجسم لاكتساب الوزن في فصل الشتاء كله إلى عامل البرد ومحاولة التغلب عليه بتناول الأطعمة الدسمة والمشروبات الدافئة ذات السعرات الحرارية العالية التي يلجأ اليها طلبا للدفء، لكن يعود إلى قصر ساعات النهار وطول ساعات الليل وضعف ضياء الشمس أثناء النهار وعتمة المساء وغيوم السماء.

الكآبة الموسمية
منذ سنوات عدة يعلم العلماء والباحثون أن تضاؤل ساعات النهار التي تضاء بنور الشمس وطول ساعات ظلام الليل يمكن أن يولد في نفوس الكثيرين شعورا بالكآبة الموسمية التي ترافقهم طوال أشهر الشتاء خصوصا شهري ديسمبر ويناير، ويمكن تفسير ذلك بأنه عند احتجاب الشمس فإن هرمونات رئيسية معينة تصبح عاجزة عن القيام بوظيفتها بشكل تام.
فعدم التعرض لضوء الشمس وضيائها في الصباح الباكر يؤدي إلى زيادة افراز هرمون الميلاتونين من الغدة الصنوبرية وأماكن أخرى بالجسم ويؤثر هذا الهرمون على مستويات الطاقة والمزاج في الإنسان.

تغير مستوى الهرمونات
تقول الأبحاث العلمية ان الزيادة في هرمون الميلاتونين تجعل السيرتونين أقل قدرة وتأثيرا على دعم المزاج واعتدال الشهية وعندما تتضاءل ساعات الضوء المنبعث من الشمس في نهار الشتاء القصير وأحياناً المعتم بفعل غيوم السماء وعتمة المساء تزداد حاجة الإنسان إلى السيروتونين ويتجاوب المخ «الدماغ» مع ذلك عن طريق اطلاق اشارات تنبئ بالحاجة إلى المزيد من النشويات والسكريات لأن انتاج الجسم للسيروتونين يحتاج إلى تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والنشويات.
وانعدام فاعلية السيروتونين الذي يطلق عليه هرمون السعادة يجعل كثيرا من الناس يعانون من أعراض الكآبة الموسمية والحزن الشتوي والاضطراب العاطفي الموسمي.

أعراض اكتئاب الشتاء
تصل نسبة المصابين بأعراض الاكتئاب الشتوي في الولايات المتحدة إلى 10-20 في المئة من أفراد المجتمع الأميركي.
والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض حيث تضاعف نسبة اصابتهن عن الرجال بأكثر من أربعة أضعاف وتزيد أعراض المرض لديهن في أيام الدورة الشهرية «الطمث».
وقد تختلف بعض الأعراض من شخص إلى آخر إلا ان أعراضه الغالبة عادة ما تكون كالآتي:
• الاحساس بكسل شديد وخمول وقلة النشاط وفتور الهمة.
• الشعور بالارهاق وتدني مستويات الطاقة.
• صعوبة القدرة على التركيز أو التواصل.
• الميل الدائم للنعاس وزيادة فترة النوم.
• اضطراب وتغيير في الشهية خصوصا اشتهاء الأطعمة النشوية والحلويات.
• زيادة في الوزن عن المعتاد.
• الشعور بالصداع وثقل في اليدين والقدمين والاحساس بالإعياء بصفة مستمرة.
• ميل للعزلة والبعد عن المجتمعات وفقدان الاهتمام بالنشاطات المهمة والمختلفة.
• قلق وتوتر لذا يجب التروي في اتخاذ القرارات المهمة.
• الاحساس بالدوران والشعور بالدوخة.
• في البلدان الاسكندنافية تصل المعاناة من الاكتئاب الشتوى إلى حالة مرضية مخيفة يقدم فيها المريض على الانتحار وتزيد محاولات الانتحار بشكل كبير في شهري ديسمبر ويناير.

علاج الكآبة والسمنة الموسمية
رغم تقلبات الطقس في فصل الشتاء وسوء الأحوال الجوية وأحياناً هطول الأمطار وهبوب الرياح الباردة يجب ممارسة الرياضة يوميا وبصفة مستمرة فهي تحرق السعرات الحرارية الزائدة والمختزنة في الجسم وترفع المعنويات المتدنية وتحسن الحالة المزاجية وتجعل الإنسان يتخلص من الشعور بالاكتئاب والحزن بفعل طقس الشتاء.
وكذلك التعرض لأشعة الشمس وضيائها خصوصا في الصباح الباكر في فصل الشتاء لأن ضوء وأشعة الشمس يزيد من افراز السيروتونين وتزداد فاعليته.


الغذاء يعالج الكآبة الموسمية

نوعية الغذاء مهمة في علاج الكآبة الشتوية وزيادة الوزن الموسمية.
فمن المفارقات الطبية أن مقاومة الكآبة وزيادة الوزن الناتجة عن طبيعة طقس الشتاء يكون بتناول النشويات ويجب الاستعاضة عن النشويات والسكريات عالية الدسم باختيار بعض الأنواع منخفضة الدسم وذلك من خلال خطة لا يجب الحياد عنها.
فتكون وجبة الطعام في الافطار من البروتين والسكريات المربات الخفيفة وعصير البرتقال والحلوى التي تحتوي على السكر تساعد على انتاج وافراز هرمون السيروتونين، ولذلك يشعر الإنسان بالسعادة بعد أكل قطعة شيكولاتة.
والبروتين يساهم بصورة غير مباشرة في افراز هرمون السيروتونين فهو يوفر المادة الخام «تريتوفان» التي يصنع منها السيروتونين وتربتوفان حمض أميني.
والنشويات تساعد على تنشيط افراز هرمون الانسولين الذي يساهم بطريقة غير مباشرة في انتاج السيروتونين ومفعول النشويات يكون أطول بكثير من مفعول الحلوى والسكريات.
وبوجبة الغذاء مثلها من التنويع فإذا كان الافطار من البيض والجبن أو اللبنة وشيء من السكريات والنشويات كالخبز أو البسكويت وبعض العصائر مثل عصير البرتقال أو الموز فيكون الغذاء إن أمكن من السمك أو الدجاج وهي بروتينات أو الأرز نشويات أو تناول الفاكهة والخضراوات الطازجة في الغذاء.
وفي وجبة العشاء يكون تناول الأطعمة الخالية من الدسم مثل حبة بطاطا مسلوقة كبيرة أو معكرونة كذلك تناول بعض الفاكهة الطازجة.
بهذه الطريقة يستطيع الإنسان الابقاء على مستوى السيروتونين مستقرا وهذا الاستقرار يحول دون تذبذب الرغبات في تناول الطعام ويمنع بالتالي الزيادة الموسمية في الوزن واعتدال الشهية ويمنع الكآبة الموسمية والحزن الشتوي والاضطراب العاطفي الموسمي.


زيادة الشهية للطعام بفعل طقس الشتاء
زيادة الشهية للطعام بفعل طقس الشتاء
الميل الدائم للنعاس وزيادة فترة النوم من أعراض اكتئاب الشتاء الموسمي
الميل الدائم للنعاس وزيادة فترة النوم من أعراض اكتئاب الشتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق